إشراقة: القراءة وعصر المعرفة

القراءة شعاع من نور نحو معرفة أنفسنا، ومعرفة الآخرين، ومعرفة الكون الذى نحيا فيه، وإن مصر دائما حريصة على المعرفة، ويأتى معرض الكتاب فرصة كبرى، لإستنارة المجتمع، نحو قيم العلم والمعرفة والخير والجمال، من خلال السعر المناسب للكتاب، وتنوع الموضوعات التى تتناول التاريخ والتراث والفلسفة والعلوم الفنون وغيرها . إن الكتاب عنصرا جوهريا لأكتساب الثقافة والمعرفة، إن القراءة تعمل على بناء الإنسان بشكل إيجابى مع منظومة المجتمع عقليا وفكريا ووجدانيا، فالقراءة علامة على وعي الإنسان، وشاهد على ارتقاء المجتمعات وتقدم الأمم.

ونحن الآن فى عصر التعددية الثقافية، عصر المعرفة، تتنوع أساليب القراءة وتتسع لمجالات متعددة، فهناك الكومبيوتر والإنترنت وما بهما من ثورة تكنولوجية حتى أصبحت القراءة الإلكترونية واسعة الإنتشار، وهناك قراءة النوته الموسيقية وفتح آفاق للقراءة السمعية من مقطوعات موسيقية شرقية، وموسيقى كلاسيكية، وهناك قراءة بصرية للوحة التشكيلية وما بها من ألوان وظلال وخطوط ، وهناك القراءة للطبيعة الخضرة والبحر وشروق الشمس، وهناك القراءة تحت الميكروسكوب، ومشاهدة حياة الكائنات الدقيقة، وعلى العكس هناك القراءة عبر التليسكوبات العملاقة لقراءة صفحة السماء المرصعة بالنجوم والكواكب ووضعها فى خرائط فلكية، وهناك أيضا قراءة للوجوه ومعرفة كيف نتحدث مع الآخر، متى نسأل، أين نتوقف عن الجدل، وكيف نبرهن عن قناعاتنا، وآشياء اخرى كثيرة، إن القراءة فى هذا المقام ليست فعلا صوتيا عبر النطق بحسب ما تقتضيه الأنظمة اللغوية لأي لغة ، وإنما هى هنا تعني الفهم ، ومن ثم فإنها تمثل نشاطا معرفيا عقليا ، يختلف ويتفاوت بحسب رؤية القاريء ، تلك الرؤية التى تحلل ما تقرأ بل وتضيف جديدا لمعانى أخرى مبتكرة، ومن هنا تصنع القراءة شيئا جديدا فينا، فهى مولدة للمعاني وكاشفة للصور التي يتضمنها العالم فى مركب جديد له خصوصيته ، ليس هو المقروء تماما ، وليس هو القاريء بما هو عليه ، وإنما هو مركب منهما معا .

أصدقائى لم يعد مفهوم القراءة على أنها قراءة الكتب والمطبوعات حيث تنوعت مصادر المعرفة فى عصرنا ولكن مع كل هذا التطور والتقدم يظل الكتاب هو الدستور الأول للمعرفة. الآن أقول لكم أصدقائي إقرأوا لأن مصر والعالم ينتظروا قطوف قراءتكم، اقرءوا بالعين والعقـل والقلب، فالقراءة طاقة محركة متجددة، وهي حالة نمو نحو النضج العقلي والروحي والأخلاقي والاجتماعي. إن القراءة حركة إلى الأمام؛ ندرك بها متغيرات العصر لننطلق للمستقبل.

إن القراءة المتنوعة والواعية تدفعنا لتنمية قدراتنا ومهاراتنا ومن ثم نستطيع العيش والتفاعل والتوافق والتنافس والتفوق في هذا القرن المليء بالتحديات. إنه تأكيد علي العالمية في التفكير والمحلية في التنفيذ لتحقيق حاجات الإنسان العصرى الذى ينطلق من" Locally Think globally but act وهو منهج هام لكل من يخطط للمستقبل للحاق بالعالم. لأنه علينا أن نفكر في إطار أوسع وأرحب، ونأخذ في اعتبارنا المتطلبات العالمية، لكن علينا في الوقت نفسه أن نهتم ونأخذ في تقديرنا خصوصية مجتمعنا عند التنفيذ. إن القراءة والمعرفة تجعلنا نفهم معنى الحرية، أن الحرية دفاع عن قيمة. الحرية ليست تحطيم القوانين. الحرية ليست التمرد وتحطيم الواقع، حتى يفقد الواقع ما لديه من إنجازات، بل هى المحافظة على ما لدينا لتطويره ونمائه. أن تكون حراً هو أن تكون لديك القدرة على الاختيار، القدرة على الابتكار والاكتشاف، وأن تكون حراً معناه أن تكون لديك حقوق وعليك واجبات من أجل بناء وتحديث الوطن، لهذا القراءة مفتاح التقدم.